اقتصاد

إستراتيجيّة جديدة في السوق السوداء؟

د.بيار الخوري ـ أكاديمي وخبير إقتصادي
خاصّ جديدنا

شهدَ سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي في ما يعرف بالسوق السوداء تقلباتٍ حادّة بلغت أكثر من ثلاثين بالمئة صعوداً وهبوطاً، وهي ظاهرة لم يشهدها هذا السوق منذ بداية أزمة شحّ الدولار منذ آب الماضي.
لقد شهد السوق المذكور حركة صعوديّة متواصلة منذ بداية الأزمة مع تصحيحات خفيفة لم تتجاوز ال ١٠ بالمئة في الإتجاه النزولي،فكيف يمكن تفسير ما يحصل مؤخرا؟
لقد مالَ المحلّلون إلى تفسير الإنخفاض الواسع بعوامل موسميّة مرتبطة بسياحة الإغتراب وما يحمله المغتربون العائدون من عملات أخنبية لإنفاقها خلال إقامتهم أو لشراء العقارات مقابل الدولار ” الفريش” . سرعان ما بدت هذه التحليلات قاصرة بعد الإرتفاع المفاجئ والواسع لسعر صرف الدولار الأميركي مجدّداً.

سوف أحاول أن أطرح فرضيّة، علينا التأكد من صحتها في مجرى الأسابيع المقبلة.. وهي تقوم على استراتيجية الهجوم المعاكس على السوق السوداء من خلال توسيع هامش التقلّب (volatility) في السوق السوداء، وبالتالي توسيع مخاطر التداول في هذه السوق. كمثال على ذلك إنَّ المتداولون غير المحترفون كأصحاب الأجور والمياومون ومن يسحبون ودائعهم بالليرة من البنوك ومن شركات الأموال سيصبحون عرضة لمخاطر كبيرة في التداول لأنَّ توقّع الإتجاه والسعر الأفضل للشراء يصبح عمليّة معقّدة أكثر بالنسبة لمعلوماتهم وقدراتهم وبالتالي سوف يخاف هؤلاء أكثر من السّوق ويحجمون عن هستيريا الشراء، لأنَّ خطر الخسارة في حال تحققت سيكون مؤلماً جدَّاً على قدرتهم الشرائية (هذه القدرة الشرائية هي الحافز الأساس وراء تورط هؤلاء للتداول في السوق السوداء).
تتفق كل المعطيات أن حجم السوق السوداء هو حجم صغير مقارنةً بالكتلة المتداولة في سوق النقد الأجنبي في لبنان، خاصةً بعد انتظام عمل المنصّة التي أطلقها مصرف لبنان على مستويات عدّة شخصيّة وتجاريّة وتحاويل وسحوبات..

إذا كانت هذه الفرضية صحيحة علينا أن نشهد مزيد من التقلب في الأسابيع المقبلة لحرق أصابع المتداولين غير المحترفين.
أذكر أن حاكم مصرف لبنان قال منذ أكثر من خمسة أشهر في مقابلة تلفزيونيّة أنَّ هذه الأزمة ستنتهي بعد الشهر السادس، فهل أدت السوق السوداء غرضها المرسوم لها؟ لننتظر قليلاً ونرَ..

زر الذهاب إلى الأعلى