التعليم عن بُعد ضرورة… فوراً

التعليم، أو التدريس عن بعد، أو ما يعرف بالـ ONLINE LEARNING، أصبح اليوم نجم الساحة التربوية والوطنية بعد أن كان الحديث فيه من قبيل المحرّمات، والفضل يعود إلى وباء كورونا.
على طاولة لجنة التربية الوطنيّة والتعليم العالي والثقافة النيابية إقتراحاً قانونان بهذا الموضوع: الأول، مقدّم منذ العام 2019 من النائب إدكار طرابلسي ويهدف إلى تشريع التعليم عن بعد بأنواعه كافة كنظام تعليم دائم يحاكي التطور التربوي ليس فقط العالمي بل حتى العربي وقد سبقت لبنان بلدان عربيّة عدّة في هذا المجال كسوريا ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والثاني مقدمّ في زمن كورونا من النائب بهية الحريري ويهدف إلى تنظيم التدريس عن بعد في حالات الضرورة فقط.
هذان الإقتراحان يلتقيان فقط في أنهما يتحدثان عن التعليم أو التدريس عن بعد (وفق التعبير المستعمل في كلٍّ منهما) في مرحلة التعليم العالي ويختلفان في المضمون . فاقتراح “تنظيم التدريس عن بعد في حالات الضرورة”، أي إقتراح النائب الحريري، محصور فقط في حالات الضرورة المحدّدة فيه، يبدأ عند تثبت السلطات المختصة من مدى تحقّق إحدى هذه الحالات ويتوقف عند انتفائها وهو إقتراح قانون يشمل التدريس والإمتحانات عن بعد وينحصر بالجامعات المرخصة في لبنان دون غيرها. أمّا الإقتراح المقدم في العام 2019 من النائب طرابلسي فيهدف إلى إدخال تعديل على القانون رقم 285/2014 عبر إعتبار المؤسسات التي تعنى بالتعليم عن بعد بشكل كامل أو جزئي، محليّة أو خارجيّة، مؤسسات تعليم عالٍ ويخضعها لأحكامه، كما وأنّه يتطرق إلى موضوع معادلة الشهادات المحصّلة من جامعات خارجيّة تعنى بالتعليم عن بعد.
هل التعليم عن بعد يحتاج إلى تشريع؟
للإجابة على هذا السؤال ننطلق من وجود قانونين أساسيّين يرعيان التعليم في لبنان هما القانون رقم 75/1967 ” قانون الجامعة اللبنانية” والقانون رقم 285/2014 “الأحكام العامة للتعليم العالي وتنظيم التعليم العالي الخاص”. صحيح أنّ أيّاً من هذين القانونين لا يأتي على ذكر التعليم عن بعد ولكن الصحيح أيضا أن أيّاً من هذين القانونين لا يمنعه.
وإذا ما إنطلقنا من فكرة أساسية وهي أن التعليم عن بعد هو ” نظام تعليم” نجيب أنه لا يحتاج إلى تشريع جديد. يكفي أن تتقدم مؤسسات التعليم العالي الخاص المرخصة بطلب من المراجع المختصة وفقا لأحكام القانون رقم 285/2014 لتبدأ بإعتماد هذا الأسلوب فور الترخيص لها، ويكفي أن تذهب هذه المراجع المختصة وفق أحكام القانون رقم 285/2014 إلى الترخيص إلى مؤسسات التعليم العالي الخاصة التي تعتمد التعليم عن بعد وإلى معادلة الشهادات المحصّلة من جامعة خارجيّة وفق نظام التعليم عن بعد.
ما يجب استصداره في هذا الإطار هو تحديد الإختصاصات المقبولة وفق نظام التعليم عن بعد وتحديد الضوابط والآليّات وفق أحكام القانون رقم 285/2014. والأمر ذاته ينطبق على التعليم في الجامعة اللبنانيّة التي يعود لمجلس الجامعة الدفع في هذا الإتجاه وفقاً لأحكام القانون رقم 75/1967. وإذا ما برزت حاجة إلى تعديلٍ قانونيّ فيكون في أمور تفصيليّة تنظيميّة محدّدة.
أمّا ما يبرز الحاجة إلى تشريع للتعليم عن بعد إنما هو عدم أخذ المراجع صاحبة الصلاحيّة المبادرة إلى اعتماد وتنظيم التعليم عن بعد، ربما لعدم إيمانها به أو لأسبابٍ أخرى خصوصاً لا مجال للخوض بها هنا.
المحامي جميل مراد – MTV