
بينما تُعلن الدول الأوروبّية الواحدة تلو الأخرى قيوداً جديدة لمواجهة فيروس “كورونا المستجدّ” الذي يُواصل تفشيه المرعب، فتراوحت بين الإغلاق التام في فرنسا وانكلترا والعزل الجزئي في البرتغال، وصولاً إلى حظر التجوّل الليلي في إيطاليا مثلاً، كشف المدير المسؤول عن تجارب لقاح “أوكسفورد” السريريّة ضدّ المرض التاجي أندرو بولار أنّ ثمّة “حظوظاً ضئيلة” في أن يكون هذا اللقاح جاهزاً قبل فترة أعياد الميلاد.
لكن بولار أوضح في الوقت عينه أن لجنة العلم والتكنولوجيا متفائلة بأنّ تجارب “أوكسفورد” ستتمكّن من عرض نتائج متقدّمة، وربّما تكشف عمّا إذا كان اللقاح ناجعاً قبل نهاية العام الحالي. وحين سُئِلَ عمّا إذا كان اللقاح سيُصبح جاهزاً قبل عيد الميلاد، أجاب أن هذه الحظوظ “ضئيلة”، ثمّ أضاف: “لكنّني لا أعرف”.
وفي وقت تُشدّد فيه أكثريّة البلدان الأوروبّية من تدابيرها لاحتواء الارتفاع المتزايد في أعداد الإصابات بـ”الفيروس الصيني”، ما يترافق في أحيان كثيرة مع سخط شعبي، تسلك فنلندا اتجاهاً مغايراً تماماً مع تراجع معدّلات الإصابة وتأييد واسع للقيود الموضوعة لتطويق الوباء.
وفيما تصدّرت السويد المجاورة الاهتمام العالمي بين البلدان الاسكندينافيّة من خلال استراتيجيّتها المتمايزة التي ابتعدت خلالها عن فرض الإغلاق أو التدابير الزجريّة، نجحت فنلندا من دون ضوضاء إعلاميّة في الحفاظ على معدّلات إصابة أدنى بخمس مرّات مقارنةً مع متوسّط معدّل الاتحاد الأوروبي، مع نسبة وفيات من بين الأدنى في أوروبا.
وتعزو السلطات الصحية الفنلنديّة هذا الوضع إلى التحرّك الحكومي السريع، خصوصاً من خلال إقرار تدابير إغلاق جزئي في آذار، وحظر التنقّلات من العاصمة وإليها. وفور رفع هذه التدابير، اعتمدت السلطات تدابير ناجعة على صعيد الفحوص وتتبّع الإصابات، من طريق تطبيق للأجهزة المحمولة.
وفي المقابل، وقّع رئيس الحكومة الإيطاليّة جوزيبي كونتي مرسوماً يقضي بحظر التجوّل في أنحاء الأراضي الوطنيّة كافة عند الساعة العاشرة مساءً. كما تمّ فرض قيود أخرى، بما في ذلك إغلاق مراكز التسوّق خلال عطلة نهاية الأسبوع، وستُطبّق حتّى الثالث من كانون الأوّل، في حين أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن العزل الجديد الذي يبدأ تطبيقه اليوم في انكلترا لاحتواء الموجة الوبائيّة الثانية سينتهي تلقائيّاً في الثاني من كانون الأوّل، محاولاً بذلك تبديد القلق من الآثار الاقتصاديّة لهذه الخطوة.
وصادق النوّاب بعد ذلك على القرار بغالبيّة 516 صوتاً ومعارضة 38، رغم تحفّظات بعض البرلمانيين من معسكر جونسون المحافظ المتخوّفين من آثاره على اقتصاد هو أصلاً ضعيف، بينما اعتبر زعيم الحزب العمالي كير ستارمر أمام مجلس العموم أنّه “سيكون انهاء العزل ضرباً من الجنون” إذا بقي عدد الحالات مرتفعاً، داعياً جونسون إلى أن يكون صريحاً.