اخبار لبنان - Lebanon News

بهاء الحريري يوظف مشروعه الإعلامي كرافعة سياسية

عندما أصبح رفيق الحريري، رئيسا للحكومة بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، أدرك أن بناء الزعامة يحتاج إلى أدوات مختلفة، من أهمها الإعلام، فأسس قناة “تلفزيون المستقبل” عام 1993 التي كانت في بعض الفترات من بين القنوات الأكثر مشاهدة في لبنان، وصحيفة “المستقبل” واشترى إذاعة الشرق.

تحطمت مشاريع الحريري الأب الإعلامية في عهد ابنه سعد الحريري؛ فقد توقفت جريدة “المستقبل” في فبراير 2019. وفي 18 سبتمبر من نفس العام، لقي تلفزيون “المستقبل” المصير نفسه، نتيجة الأزمة المالية التي ألمت برئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري.

وفي المدة الأخيرة برز مشروع إعلامي متحدثا باسم الأخ الأكبر لسعد، بهاء الحريري. ويتكون المشروع من موقع وإذاعة، واستقطب، إعلاميين، هم أساسا من بناة مشروع المستقبل الإعلامي الذين تركوا لمواجهة مصيرهم.

وفي أكتوبر من العام الماضي، ظهر حساب على فيسبوك، باسم “بيروت سيتي”. وكان الحساب متخصّصا في نشر الأخبار السياسية والتغطيات المصوّرة للحراك الشعبي في مختلف المناطق اللبنانية. وبات يتابع الحساب على فيسبوك أكثر من مليوني متابع.

وكان أكثر ما لفت الانتباه سياسة “بيروت سيتي” التحريرية التي تعتمد على دعم انتفاضة اللبنانيين بشكل قوي ونشر أخبار تهاجم حزب الله وإيران، إضافة إلى تلميع صورة بهاء رفيق الحريري عبر نشر أيّ تصريح يدلي به، ودعم التظاهرات بشكل قوي.

ثم سرعان ما ظهرت على الساحة الإعلامية منصّة “صوت بيروت إنترناشونال” التي تبث على الإنترنت فقط. وفي تعريفه بالبرنامج يقول راديو “صوت بيروت إنترناشونال”، إنها مرحلة جديدة من التغطية الإخبارية المباشرة بالصوت والصورة على صفحة فيسبوك الخاصة بالإذاعة وبالتعاون مع صفحة “بيروت سيتي”.

ووضعت المنصة نفسها تحت المجهر، بعدما بدأ التعاقد مع عدد من المقدّمين المعروفين وعلى رأسهم طوني خليفة الذي بدأ برنامجه “سؤال محرج” الجمعة الماضي بإثارة جدل كبير إثر استضافته مي خريش نائب رئيس التيار الوطني الحر في لبنان التي فضلت إيران على المملكة العربية السعودية، بعدما خيرها خليفة بين الدولتين، حيث قالت “هذا سؤال محرج، أنا لم أزر الدولتين، وأنا أختار إيران، ولا يتعلق الأمر بالسنة والشيعة، كون الاثنين شركائي في الوطن”. فرد الإعلامي طوني خليفة عليها؛ “ولكن السعودية لها أفضال كثيرة على لبنان وتحتضن أكثر من 200 ألف لبناني”، فردت عليه “أنا أحب حياكة السجاد”.

والثلاثاء، احتفت منصّة “صوت بيروت إنترناشونال” بالحدث مؤكدة “حتى توقيت كتابة هذه المادة الخبرية، بلغ عدد المشاهدات على تويتر فقط لمقطع برنامج سؤال محرج مع طوني خليفة عبر صوت بيروت إنترناشونال 1 مليون مشاهدة، وفي ذلك دلالة كبيرة على عمق السؤال الذي وجهه المذيع وفضيحة الجواب الذي قالته مي خريش نائبة جبران باسيل”.

وأضاف التقرير “التغطية الإعلامية التي حظيت بها حلقة طوني خليفة على مستوى كبرى وسائل الإعلام الدولية، تعتبر الأولى من نوعها، ليس لأن ما ذكر خطير وجديد، بل لأن الجواب المباشر على السؤال المحرج حفل بمغالطات، فتحت شهية الإعلام والإعلاميين على الإدلاء بدلوهم، لتحجز صوت بيروت إنترناشونال لنفسها مكانة مهمة في تعداد الوسائل الإعلامية اللبنانية والعالمية لا يستهان بها”.

ويقول مراقبون إن التقرير صحيح، إذ برزت المنصة التي تبث على الإنترنت كبديل لوسائل الإعلام التقليدية في لبنان التي تعيش أصعب أيامها. وتلفت مصادر إعلامية لبنانية إلى أن الموقعَين الإعلاميين يموّلهما بهاء الحريري.

وتشير المصادر نفسها إلى أن غالبية الصحافيين الذين يعملون في “بيروت سيتي” و”صوت بيروت إنترناشونال” كانوا موظفين في وسائل الإعلام التي كانت تابعة لسعد الحريري وتحديدا تلفزيون “المستقبل”.

وتشير المصادر إلى أن بهاء قرّر دخول الساحة السياسية اللبنانية عبر واجهة الإعلام الجديد وتمرير مشروعه السياسي من دون تكبّد كلفة مالية ضخمة كإطلاق قناة تلفزيونية.

وكان مشروع “مرصد ملكية وسائل الإعلام” الذي أطلقته منظمة مراسلون بلا حدود ومركز سكايز للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية في مؤسسة سمير قصير ببيروت، في ديسمبر 2018، أكد أن لبنان يسجل معدلا عاليا للتسييس مقارنة بـ16 دولة شملها المشروع، إذ فيه 29 وسيلة إعلامية من أصل 37 وسيلة مملوكة للدولة أو لنواب أو وزراء أو أحزاب سياسية. لذا، يبدو قطاع الإعلام في لبنان مرهونا بمصالح عائلية وسياسية، تتقاطع حينا وتتناقض أحيانا.

ولا تعتبر “المستقبل” الأداة الوحيدة التي تملكها عائلة الحريري، بحسب مشروع “مرصد ملكية وسائل الإعلام”، إذ تملك العائلة أسهما في وسائل إعلامية عدة، وحصصا في قطاعات المطبوعات والإعلام الإلكتروني والإذاعة والتلفزيون، وتمثّل وسائل الإعلام التي تشترك عائلة الحريري في ملكيتها نحو 30 في المئة من قراء مطبوعات لبنان، و7.7 في المئة من نسب الاستماع الإذاعي، و7.8 في المئة من نسب المشاهدة التلفزيونية في حينه.

وحول السيطرة العائلية، أفاد “مرصد ملكية وسائل الإعلام” بأن الشركات التلفزيونية الأربع الأولى، وهي “المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناسيونال” (LBCI)، و”الجديد”، وأم.تي.في” (MTV)، و”اللبنانية للإعلام” (OTV)، تستحوذ على متابعة 8 من أصل 10 مشاهدين تقريبا. وهي مملوكة على التوالي من عائلات الضاهر، سعد، وخياط، وغبريال المر وميشال عون.

أما في قطاع المطبوعات، فتستحوذ الشركات الأربع الأولى وهي “شركة الجمهورية نيوز كورب” وشركة “النهار”، وشركة “أخبار بيروت”، وشركة “النهضة” (ناشرة صحيفة الديار)، على نسبة مشابهة من القراء تبلغ 77.9 في المئة. ويتمثل المساهمون الأساسيون في هذه الشركات في كل من ميشال إلياس المر، وعائلتي الحريري وتويني، وإبراهيم الأمين، وشارل أيوب على التوالي. ونتيجة لذلك، يسيّر قطاع الإعلام وفقا للمصالح العائلية والسياسية.
العرب

زر الذهاب إلى الأعلى