ماذا يحمل عون معه الى الدوحة؟

حراكٌ لبناني لافت برؤية واحدة أساسية متمثلة بفرض وجود الدولة ومؤسساتها وبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية وتصحيح علاقاتها مع الدول العربية، والسير قدماً بالخطوات الإصلاحية لتحقيق التعافي الاقتصادي والمالي وإعادة الإعمار. تحت هذه العناوين يحطّ رئيس الجمهورية جوزاف عون في قطر اليوم بعد أن أنهى رئيس الحكومة نواف سلام زيارته إلى دمشق، أمس الإثنين، فيما تتحضر اللجنة الوزارية لمفاوضات الربيع مع البنك الدولي وصندوق النقد نهاية الأسبوع، متسلحة بمناقشة اللجان النيابية المشتركة لقانوني رفع السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف باعتبارهما مدخلاً أساسياً لخطة الإصلاح المالي والتعافي الاقتصادي.
وعشية زيارته إلى قطر تلبيةً لدعوة رسمية تلقاها من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، جدّد الرئيس عون التزام لبنان بتنفيذ القرار 1701 وبسط سيادة الدولة وحصرية امتلاكها للسلاح، لافتاً إلى أن الجيش يقوم بواجبه في جنوب الليطاني، وفكك أنفاقاً وصادر أسلحة من دون اعتراض حزب الله، لكنه لم ينتشر في كامل الجنوب لوجود مواقع للاحتلال، مطالباً بضغط دولي على إسرائيل للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
الرئيس عون كشف أن الحوار بشأن حصرية السلاح سيكون ثنائياً بين رئاسة الجمهورية وحزب الله، مؤكداً أن قرار حصر السلاح بيد الدولة اتُّخذ، وتنفيذه يكون بالحوار وبعيداً عن القوة.
توازياً، من المتوقع أن يلتقي الرئيس عون أمير قطر يوم غد الأربعاء ويناقش معه الدعم القطري للبنان وخطة إعادة الإعمار. وفي الإطار، أشارت مصادر متابعة في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “استمرار دعم دولة قطر لعناصر الجيش اللبناني مالياً، هو أبرز المواضيع التي يحملها الرئيس عون الى الدوحة، لا سيما وأن قطر تقدّم مساعدة مالية شهرية لعناصر الجيش منذ الأزمة المالية الأخيرة، وحيث أن تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 يضاعفان من المهام الملقاة على عاتق القوى العسكرية، حيث يحتاج الجيش تجنيد أكثر من خمسة آلاف جندي لاستكمال انتشاره في الجنوب وعلى الحدود الشرقية، ما يتطلب زيادة الدعم المالي، لا وقف المساعدة المالية عنه وفق ما تحاول بعض الجهات الدولية”.
المصادر استغربت خلفية وقف دعم الجيش في هذا الوقت، في ظلّ الضغط لتطبيق القرار 1701، إضافة إلى جهود الجيش في ضبط الأمن في الداخل وضبط التهريب عبر المعابر غير الشرعية مع سوريا، إذ إنه بحاجة الى زيادة عديده، لافتة الى أنها تنصح المسؤولين بإعادة العمل بقانون التجنيد الإلزامي، ليس فقط للتخفيف من أعباء الخزينة ودعم الجيش، بل إعادة اللحمة بين اللبنانيين لا سيما الشباب منهم، والتخفيف من حدة التشنج الطائفي التي تغذيها المواقف التصعيدية الشعبوية.
صفحة جديدة
تزامناً، اختتم رئيس مجلس الوزراء نواف سلام زيارته إلى العاصمة السورية دمشق، وهي الأولى له منذ تشكيله الحكومة.
سلام أشار بعد لقائه والوفد المرافق الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أن “هذه الزيارة من شأنها فتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين البلدين على قاعدة الاحترام المتبادل واستعادة الثقة، وحسن الجوار، والحفاظ على سيادة بلدينا وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض، لأن قرار سوريا للسوريين وقرار لبنان للبنانيين”.
في الإطار، لفتت المعلومات إلى أن البحث تناول ضبط الحدود والمعابر، ومنع التهريب، وصولاً إلى ترسيم الحدود براً وبحراً. كما كان تشديد من الطرفين على تعزيز التنسيق الأمني، بما يحفظ استقرار البلدين.
وكذلك، تم التداول في تسهيل العودة الآمنة والكريمة للاجئين إلى أراضيهم ومنازلهم بمساعدة الأمم المتحدة، والدول الشقيقة والصديقة.
إلى ذلك، بحث الوفد اللبناني في مصير المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في سوريا، بالإضافة إلى مطالبة السلطات السورية بالمساعدة في ملفات قضائية عدة، وتسليم المطلوبين للعدالة في لبنان، كما جرى البحث في ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية.
الإصلاح الاقتصادي وحملة مشبوهة
على صعيد آخر، من المتوقع أن تناقش اللجان النيابية المشتركة يوم غد الأربعاء مشاريع الإصلاح المالي و”رفع السرية المصرفية” و”قانون إعادة هيكلة المصارف” في خطوة أراد من خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري تحميل الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي رسائل إيجابية، في وقت تشن فيه حملة إعلامية مشبوهة على مشروع قانون اصلاح وضع المصارف في لبنان واعادة تنظيمها.
وفي سياق متصل، أعربت مصادر “اللقاء الديمقراطي” عبر “الأنباء” الإلكترونية عن قلقها من عدم تمرير القوانين الإصلاحية في المجلس النيابي، مؤكدة وقوفها الى جانب هذه المشاريع ودعمها لما تتضمنه من إتجاهات إصلاحية يحتاجها لبنان ويطالب بها المجتمع الدولي وهي جزء أساسي من شروط البنك الدولي لدعم لبنان.
وكان وزير المالية ياسين جابر أكد بعد اجتماع لجنة التفاوض مع صندوق النقد أن خلال أسابيع قليلة سيشعر الجميع بتغيير كبير سيحصل في البلد من خلال التعيينات الجديدة التي وضعت لها آلية شفافة. من جهته، اشار وزير الاقتصاد عامر بساط لـ”بلومبرغ” الى أن المودعين اللبنانيين سيستردون أموالهم تدريجياً كجزء من أي إصلاح مالي شامل.