اللبنانيون ينتظرون السفارات: الهجرة السادسة على الأبواب

كتب ريكاردو الشدياق في موقع mtv:
ما نحن مُقبلون عليه كلبنانيين، إن لم نكن دخلناه ولو بنسبة ضئيلة حتّى اليوم، هو الموجة السادسة من الهجرة الجماعيّة على مدى تاريخ لبنان، في ثاني أصعب أزمة إقتصاديّة وإجتماعيّة وسياسيّة خانقة بعد مجاعة الـ1915.
عملياً، لا يُمكننا حتّى اللحظة الحديث عن هجرة فعليّة، فالسفارات على أرض لبنان لم تُشرّع أبوابها لتقديم طلبات المغادرة، إلاّ في الحالات الطارئة والمستعصية. كما أنّ تفشّي فيروس “كورونا”، الذي ما زال يُسجّل أعداد إصابات في مختلف الدول، يقف عائقاً، حتّى أمام مَن يملكون الجنسيّات الخارجيّة، للخروج من لبنان في ظلّ الإبقاء على إجراءات الوقاية المتشدّدة في مطارات العالم.
إستعدنا مع أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية الدكتور عماد مراد الموجات الخمس التي سبقت أزمة الـ2020، منذ ما قبل تحقيق إستقلال لبنان وصولاً إلى اليوم. لكنّ الأسوأ أنّ ما تباحث به موقع mtv مع مراد، من وقائع تاريخيّة، تكاد تكون أقلّ وطأةً من الأزمة الحاليّة التي اجتمعت فيها التشنّجات السياسيّة، الملاحقات والتوقيفات الأمنيّة، الخناق الإقتصادي والمالي والنقدي، والمآسي الإنسانيّة الناتجة عن الجوع في مختلف المناطق اللبنانية.
الموجات الخمس متى رويناها، تتوالى على النحو الآتي:
-الهجرة في عهد المتصرفيّة، عندما تمّ تحديد حدود جبل لبنان وانتُزعَت الأراضي والسهول الزراعيّة في العام 1861في ظلّ عادات وتقاليد تدعو إلى إنجاب الأولاد، سيّما عند المسيحيّين، وانتشرت البطالة الأمر الذي حتّم على اللبنانيين الإقدام على الهجرة، وكان أوّل المُهاجرين إلى أميركا طانيوس بشعلاني.
-الموجة الثانية في الحرب العالميّة الأولى، حيث انتقلت شريحة من الشباب اللبناني إلى الخارح، عن طريق مصر، وثمّ أوروبا، خوفاً من القتل على يد جمال باشا السفاح.
-وعندما تمّ إعلان دولة لبنان الكبير في 1 أيلول، تعرّف اللبنانيون على نمط الحياة الفرنسيّة، فأراد الكثيرون خوض المغامرة الأوروبيّة بعد اطّلاعهم على أسلوب حياة الفرنسيين في لبنان، كالعلم والفكر والكتابة، وجرّاء هذه المرحلة نتجت عائلات لبنانيّة تنشط في السياسة والشأن العام.
-أمّا الهجرة الكبرى، فوقعت بعد اندلاع الحرب الأهليّة اللبنانية بعد 13 نيسان 1975، ووصلت إلى ذروتها في حرب الإلغاء في العام 1989.
-الهجرة الخامسة مع احتلال القوّات السوريّة لبنان بين عامَي 1990 و2005 وانتشار العناصر السوريّة وتمركزها عسكرياً وأمنياً في مختلف المناطق.
يبقى المُبكي أنّ اللبنانيين ينتظرون إشارة خضراء واحدة من السفارات للإنتقال من المنازل إلى الطائرات… ووداع لبنان الذي عرفوه.