تعدّيات بالجملة على صلاحيات رئاسة الجمهوريّة… أين القوى المسيحيّة؟

كتب المحامي أمين عبد الكريم في موقع mtv:
إنّ الخطوة التي أقدم عليها رئيس الحكومة المُستقيلة حكماً نجيب ميقاتي والمتعلّقة بردّ بعض القوانين الى مجلس النواب هي خطوة غير قانونية وتُشكّل سابقة خطيرة ومُخالفة دستورية فادحة في آن معاً، وذلك لعدة أسباب، أهمها:
١- لرئيس الجمهورية وحده الحقّ بطلب إعادة النظر بأيّ قانون أُقرّ في مجلس النواب وذلك لمرة واحدة فقط ضمن المهلة القانونية وفقاً لما جاء في المادة ٥٧ من الدستور، واستعمال رئيس الجمهورية لهذا الحقّ يحول دون اصدار القانون ونشره إلا بعد مناقشته من جديد في الهيئة العامة لمجلس النواب.
٢- ان المادة ٦٢ من الدستور أناطت بمجلس الوزراء مجتمعاً وفي حال خلو سدة الرئاسة، صلاحيات رئيس الجمهورية. والمقصود هنا هو توقيع الوزراء مجتمعين وليس أكثرية الوزراء ولا حتى ثلثي المجلس، إذ ان هذه الصلاحية المناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً هي صلاحية استثنائية وترتبط مباشرةً بشخص رئيس الجمهورية، وبالتالي تغيب أو تمنع أي وزير عن التوقيع يفقد القرارات الصادرة عن الحكومة شرعيتها وتصبح بالتالي هذه القرارات مخالفة لروحية الدستور إذ ان الحكومة وفي هذه الحالة تُمارس صلاحيّات استثنائية وليس صلاحيات عادية انتقلت اليها بحالات وشروط معينة.
٣- وأكثر من ذلك، فإنّ الصلاحية المرتبطة بشخص رئيس الجمهورية ومن بينها صلاحية إعادة القوانين وردّها إلى مجلس النواب هي من الصلاحيات غير القابلة للانتقال إلى مجلس الوزراء ولو كان مجتمعاً أصلاً، ولو بحضور وتوقيع كافة الوزراء، وذلك يمكن استنتاجه من ما وردَ في المادة ٧٥ من الدستور، والتي نصّت صراحةً على أنّ مجلس النواب يُصبح عند حصول خلاء في سدة الرئاسة هيئة انتخابية وليس هيئة تشريعيّة، وبالتالي إن صلاحيات رئيس الجمهورية المناطة بمجلس الوزراء عند خلو سدة الرئاسة قد استثنت صراحةً صلاحية رد القوانين إلى مجلس النواب الممنوع أصلاً من التشريع، وبالتالي بقيت صلاحية ردّ القوانين صلاحية خاصة وشخصيّة برئيس الجمهورية.
وبالاستناد إلى ما تقدّم، تكون كافة القرارات الصادرة عن حكومة غير مجتمعة وغاب عن اجتماعها عددٌ من الوزراء أثناء ممارستها لصلاحيات خاصة برئيس الجمهورية وهي حكومة مستقيلة أصلاً وحكماً، ومعرضة للطعن والإبطال لمخالفتها الدستور.
ويبقى السؤال عن سبب سكوت وخجل الاحزاب والقوى المسيحية في الدفاع عن صلاحيات الموقع المسيحي الأول في الجمهورية اللبنانية في ظل هذه الخروقات الدستورية المتكررة والمتمادية من دون أيّ رادع.