خاص جديدنا – اين يتجه سعر الصرف بعد مبادرة ماكرون؟

جديدنا – الاكاديمي والخبير الاقتصادي بيار خوري
جَديدُنا – تطورات كثيرة حصلت خلال هذا الأسبوع كان عنوانها الحركة والدينامية الفرنسية تجاه لبنان بعد كارثة الرابع من آب المنصرم.
العنوان الأساسي الذي يشغل اهتمامات اللبنانيين مع كل منعطف في الأزمة اللبنانية، منذ بداية ازمة شح الدولار قبل اكثر من سنه، هو ماذا سيؤثر وكيف هذا التطور او ذاك، هذا المنعطف أو ذاك على سعر صرف الليره اللبنانيه في السوق السوداء والذي يعتبر السعر الوحيد المعبر عن السوق الحرة القائمة على العرض والطلب في أسواق الصرف المحلية.
دعونا نتفاءل ونقول ان هناك اختراقا أوروبيا واسعا حصل في لبنان منذ ما بعد كارثة اب و هذا الاختراق يمكن ان يؤسس لمرحلة جديدة سياسية واقتصادية تخرجنا من سياسة العزل التي طبقها الغرب على لبنان منذ اكثر من سنه.
…ولكن
ذلك لا يجب ان يدفعنا الى الاعتقاد بأي شكل من الاشكال ان هذا الاختراق هو بمثابة اكسير الحياه او الترياق الذي لديه القدرة على قلب اوضاعنا بلحظه من حافة الهاوية إلى الرفاه والرخاء.
اذا ما قدّر للاقتصاد اللبناني أن يعطى فرصة جديدة، فطريق هذه الفرصه معبد بالألم وهذا أمر لا يجب ان يخفي على أحد فلا شيء مجاني في الاقتصاد والسياسة ولا نوايا طيبه.
سعر صرف الليرة يبقى معرضا لآثار الإصلاح الاقتصادي الذي تصر عليه فرنسا والغرب عموما وهنا لا بد من الأخذ بعين الاعتبار المسائل التالية:
اولا”: ان ما يطلبه بوضوح صندوق النقد الدولي هو التحرير الكامل لسعر صرف الليرة ولا شيء أقل من ذلك أي أن كل ما يقال عن تثبيت سعر صرف الليرة عند سعر المنصة اي حوالي 4000 ليرة هو محض أوهام وتحرير سعر الصرف يعني أن السوق السوداء سيتحول الى السوق الرسمي بحيث يصبح السعر خاضعا للعرض والطلب.
ثانيا”: إذا تم تحرير سعر الصرف يجب ان يكون لدي المصرف المركزي ما يكفي من احتياطي العملات الأجنبية للتدخل بيعا وشراء بما يعيق التحركات المضاربة والتي لا تستند الى الأساسيات الاقتصادية، لكن الوضع الحالي للاحتياطات الحرة للبنك المركزي تعطل هذا الدور، أقله على المدى القصير وحتى اتضاح الالتزام بالإصلاحات المطلوبة وبداية ظهور النتائج الإيجابية لهذه الإصلاحات.
ثالثا”: ايضا من شروط صندوق النقد الدولي الكابيتال كونترول الشامل والصارم وغير الانتقائي وهذا يعني أن خروج اي دولار من لبنان سوف يكون مشروطا بالحاجة الاقتصادية الصرفة لا برغبات المستثمرين.
والكابيتال الكونترول هذا سيعيق تدفق الأموال الاستثمارية إلى لبنان والأموال التي ستتدفق حصرا هي أموال المؤسسات الدولية ومساعدات الدول التي يذهب معظمها مره اخرى الى الخارج لانها مصممه لتمويل حاجات ومشروعات تحتاج نسبة كبيرة من الاستيراد.
لذلك، فان تمويل التجارة سوف يخضع للسوق الحرة وكذلك تمويل مدخلات الزراعه والصناعه وهذا سيخلق ضغط اضافي على سعر الصرف في المستقبل.
رابعا”: ان مجرد تطبيق الكابيتال كنترول سوف يدفع الوحدات المنزلية والشركات الى تفضيل الاحتفاظ بالدولار والعملات الاجنبية الاخرى خارج نطاق النظام المالي لانه سيكون نظام مالي مقيد بصرامة اقله للسنوات الخمس المقبلة.
خامسا” ان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يعني اولا الاتفاق مع دائني اليوروبوند، وهذا بدوره يعني أن لبنان يحتاج الى كل قرش من العملات الأجنبية لتموين تسديد إعادة جدولة اليوروبوندز واستحقاقاته المقبلة. لن يكون لدى لبنان ترف التصرف في احتياطه من العملات الأجنبية حتى تنتهي المشكلة مع الدائنين.
اخيرا فان كل هذا التحليل يستبعد أية عناصر غير ملموسة حتى تاريخه، وأهم هذه العناصر يمكن أن تكون إعادة فتح ملف الغاز والنفط وهذا قد يغير المشهد لكنه بحاجة الى مدة زمنية لا تقل عن سنتين.
ولذلك لا يمكن أخذه بالاعتبار في تحليل وضع سعر الصرف في المرحلة المقبلة..
جَديدُنا الإخباري الاكاديمي والخبير الاقتصادي بيار خوري