اخبار لبنان - Lebanon News

تحريران لفلسطين… والقدس مسيحيّة أيضاً

كتب داني حداد في موقع mtv:

ما من مظلومٍ في ما يحدث في فلسطين المحتلّة سوى المواطن الفلسطيني الذي يقرأ كتابات التضامن معه، بينما تسقط الصواريخ فوق رأسه.
يسمع هذا المواطن حكّاماً يكرّرون مع شعوبهم، منذ أكثر من نصف قرن، “قادمون يا قدس”، ولم يأتِ أحد.

لا تنفع جيوش العرب إلا لقمع شعوبها. لو تعاونت جيوش المنطقة وحدَها لمَحَت إسرائيل عن الوجود في ساعات. ولكّننا نحاربها ببيانات الإنشاء، خصوصاً تلك الصادرة عن الجامعة العربيّة، وهذه لزوم ما لا يلزم، منذ كانت، واليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى.

الفولكلور كثير، والفعل قليل. نحرق علماً إسرائيليّاً هنا، وندوس علماً هناك، ونزيّن طبق طعام بعلم فلسطين، وبعض فتيات الانستغرام ينشرن صوراً لغزة كي يظهرن In.
إسرائيل كيانٌ غاصب، حاقد، متآمر. ولكن، ماذا عن العرب؟ ألم يشاركوا في اغتصاب دول بعضهم وممارسة الحقد والتآمر على بعضهم البعض؟ ألم يتحوّل مثقّفون وسياسيّون وفنّانون، من جنسيّاتٍ عربيّة مختلفة، الى لاجئين في دولٍ أخرى، مثل الفلسطينيّين تماماً؟ هؤلاء لم يهجّرهم الكيان الغاصب، ولا شارون غير المأسوف على رحيله، ولا نتنياهو السفاح.

يجتمع وزراء خارجيّة الاتحاد الأوروبي غداً من أجل البحث في تطورات ما يجري في فلسطين. ما من داعٍ لاجتماع وزراء العرب. باتوا أعجز عن إصدار بيانات الاستنكار.
لا نقول ذلك كلّه لتبرير ما يفعله العدو الإسرائيلي، ولكن لنصف حالنا في مواجهة هذا العدو. بدل قتال إسرائيل موحّدين، يعمد بعض العرب الى تمويل فصائل فلسطينيّة تتقاتل غالباً في ما بينها. فرّق تسد. يولد الطفل الفلسطيني في مخيّمٍ بلا طموحٍ ولا أفق. هل سيحرّر الصبيّ الذي يحمل الكلاشينكوف في حيّه الفقير في عين الحلوة القدس أم سيقتل به جاره الفلسطيني؟

ويقودنا الكلام عن القدس الى شأنٍ آخر. القدس مسيحيّة أيضاً، وليست شأناً إسلاميّاً حصراً. ولهذا الكلام وجهتان: تقصيرٌ مسيحيّ، في لبنان وأبعد منه وصولاً الى الفاتيكان، في الدفاع عن قضيّة فلسطين مهد السيّد المسيح وتركها للآخرين، دفاعاً واستغلالاً.

والوجه الثاني، اختصار بعض المدافعين عن فلسطين قضيّتها بالمسجد الأقصى، وكأنّ هؤلاء يبشّروننا بأنّه لو تحرّرت فلسطين لحوّلوها الى جمهوريّةٍ إسلاميّة أخرى.
فلسطين وقدسها للجميع. “القدس لنا” أيضاً. نريد الصلاة على أرضها أيضاً. لا تزايدوا علينا بمحبّتها والرغبة بتحريرها. لا بل قد نكون أحرص على فلسطين من بعض زعماء فصائلها الذين تحوّلوا الى أدواتٍ لأنظمةٍ عربيّة وغير عربيّة.

كانت فيروز تغنّي لفلسطين، بينما كان بعض زعمائها يريدون لبنان وطناً بديلاً. وبيروت نالت نصيبها، وبعض اللبنانيّين فضّلوا فلسطين على لبنان، وصفّقوا حين كانت طريق القدس تمرّ من جونية.

“القدس أقرب” نأمل كثيراً. ولكنّه مجرّد شعارٍ آخر. تحتاج فلسطين اليوم الى تحريرَين. تحريرٌ من المحتلّ الإسرائيلي، وتحريرٌ من “سلطاتٍ” فلسطينيّة زادت على ظلم شعبها ظلماً.
قلبنا مع المواطن الفلسطيني، الضحيّة، وما أكثر الجلّادين.

زر الذهاب إلى الأعلى